لماذا لاتكون 'البرمجيات الحرة وأنظمة لينكس' في مناهجنا الدراسية !؟



الكاتب : هيثم بهوم - مدون في مدونة سليم للمحترفين - الجزائر .


أذكر أنني في يوم من أيام كنت أشرح درس بعنوان: “مهن وأخلاقيات الحاسب” لطلبة الصف الأول الثانوي. وقد وقعت في حرج كبير ﻷنني أشرح للطلاب أخلاقيات تتناقض مع واقعنا في المدارس السعودية والعربية بصفة عامة. فكيف لي أن أشرح للطلاب أخلاقيات نحن نخترقها ونضرب بها عرض الحائط كمعلمين وقائمين في المدرسة؟ وكيف للطالب أن يتسقبل مني معلومة ويقوم بتطبيقها، بينما يجد معلمه ومعامل مدرسته تناقض هذه المعلومة؟دعنا أولاً نتعرف على ماهية أخلاقيات الحاسب التي يتم تدريسها لطلابنا، وكيف تتناقض هذه الأخلاقيات مع واقعنا في المدارس، وماهي الحلول المقترحة؟أخلاقيات الحاسب هي:1-التعاون: يهيئ الحاسب الآلي لك الفرصة للتعاون مع الآخرين فلا تتردد في ذلك 2-الإيثار: امنح الفرصة للآخرين وأرشدهم ليبدعوا عندما تعملون معا 3-إتباع الإرشادات: إن إتباع الإرشادات في التعامل مع الحاسب يطيل عمر الجهاز ويمنحك استمرار الانتفاع منه واستخدامه 4-المحافظة على الوقت: يمتاز الحاسب بالدقة والضبط فاحرص على أن تكون ضابطا لوقتك عند استخدامك له دون إسراف 5-عدم الإضرار: فيروسات الحاسب قد تدمر البرمجيات والملفات فاحرص على عدم التعامل معها او نقلها 6-المراقبة الذاتية: إن الله عز وجل مطلع على السرائر فلا تستخدم الحاسب فيما فيه ضرر على دينك وأخلاقك ومجتمعك 7-الأمانة: اجعل الحاسب وسيلة للعلم والثقافة ولا تجعله وسيلة لتبادل الممنوعات والغش والسرقة من حقوق الغير 8-إحترام حقوق النسخ والملكية الفكرية: حصولك على برمجيات الحاسب لا يعني أن لك الأحقية في نسخها وتوزيعها فالبرمجيات لها حقوق ملكية يجب مراعاتها عدا البرمجيات المجانية منهاهذه ثمان نقاط أساسية لأخلاقيات الحاسب يجب أن تتوفر في مدارسنا وفي حياتنا اليومية خارج المدرسة.أين التناقض؟؟التناقض هو في النقطتين الأخيرة (الأمانه واحترام حقوق النسخ والملكية الفكرية). فكيف لي كمعلم أن أقوم بتعليم الطالب ذلك بينما تقوم المدرسة بتشغيل معمل كامل بأنظمة تشغيل “ويندوز” المقرصنة  بطريقة غير نظامية، منتهكةً حقوق النسخ والنشر؟.
أنظمة التشغيل” في مدارسنا يتم تحميلها من قبل أحد المؤسسات أو المحلات الحاصلة على “مناقصة من إدارة التربية والتعليم”.لايمكن لهذه المؤسسة أن تقوم بتحميل وتشغيل أكثر من 40 جهاز لكل مدرسة بنظام تشغيل “أصلي”يتجاوز تكلفة القرص الواحد من النظام 200 ريال، لو أخذنا في الحسبان أن:  (40 جهاز على الأقل في كل مدرسة × عدد هائل من المدارس في المنطقة = تكلفة عالية لتشغيل نظام تشغيل أصلي على كل جهاز).مما يضطر هذه المؤسسة إلى التلاعب والتحايل وتحميل نظام تشغيل مقرصن -منتهكين حقوق النسخ والنشر- ليكون نظام التشغيل “المقرصن” هو النظام الذي يعمل عليه أبنائنا الطلاب.أبنائنا الطلاب الذين نعلمهم الأمانه وإحترام حقوق النسخ والملكية الفكرية، وهي نفس تلك الحقوق التي نقوم بإنتهاكها كل صباح في نفس الفصل وفي نفس المدرسة التي يتعلم منها أبنائنا الطلاب هذه الأخلاقيات والمبادئ في الحاسب الآلي.إن معلمي مادة الحاسب الآلي يجدون أنفسهم في موقف صعب ومحرج. فإما أن يعلموا الطلاب أخلاقيات الحاسب دون التقيد بهذه الأخلاقيات مما يعني أنه لافائدة من هذه العلوم والأخلاقيات بل هي مجرد “حبر على ورق”، أو أن يتجاهلوا مثل هذه المواضيع التي لا تتعدى 20 سطر ويمرون عليها مرور الكرام.ولكن الـ 20 سطر تعلم “قيم وأخلاقيات” يجب أن يلم بها الطالب ويعمل بها بقية حياتهمالحل إذاً؟نحن هنا لا ننتقد من أجل النقد فقط بل ننتقد من أجل مستقبل أفضل وواعد، ننتقد من أجل أن نحافظ على قيمنا وأخلاقنا وأن لا تكون مجرد “كلام” و حبر على ورق فقط.
لذا وجب علينا أن نجد حلولاً لهذه المشكلة،  ولعل الحل يكون في “البرمجيات الحرة”… لأننا نجد أن ثقافة البرمجيات الحرة تتفق تماماً بل تؤيد كل نقطة من النقاط الثمانية التي عُبر عنها في الدرس بأخلاقيات الحاسب الآلي.فالبرمجيات الحرة تحثك على التعاون والإيثار وعدم الإضرار بالأخرين وإحترام حقوقهم…إلخ, والأهم هو أننا بمثل هذه البرمجيات لن نكون بحاجة للتحايل على حقوق الأخرين وحقوق النسخ من أجل الحصول على برنامج بدون تكاليف باهضة الثمن.الحل العملي من وجهة نظر بسيطة هو:1- تبني ودعم البرمجيات الحرة من قبل الحكومة ووزارة التربية والتعليم. علماً بأن أغلب حكومات الدول المتقدمة وحتى الناميه والدول العربية قد أتخذت هذا النهج. 2- نشر وغرس ثقافة البرمجيات الحرة في نفوس الطلاب. وهي ثقافة تحثهم على البحث والتجريب وإحترام حقوق النسخ وتنمي فيهم روح التعاون والإيثار والمعرفة. 3- تعليم الطلاب على برمجيات حرة بدلاً من تعليمهم على برمجيات إحتكارية وباهضة الثمن. خصوصاً أن أغلب البرمجيات الإحتكارية يتم تحميلها على أجهزة المدرسة بصورة غير نظامية وتنتهك حقوق النسخ. 4- طرح بدائل عن البرمجيات الإحتكارية ببرمجيات حرة. مثلاً: يتم تعليم الطلاب على حزمة برامج OpenOffice البرامج الحرة بدلاً من تعليمهم على حزمة برامج Microsoft Office ﻷننا بإختصار نعلمهم على برنامج مقرصن ونقوم بتحميلة على أجهزة ومعامل المدرسة بطريقة غير نظامية منتهكين لحقوق النسخ والملكية الفكرية. وبحكم أن برامج معالجة النصوص تتفق في الأساسيات وتختلف في بعض المزايا الثانوية التي لايتم تعليمها أصلا لطلاب في المرحلة الثانوية مثلاً, فما المانع من تعلم برمجيات أخرى. 5- البرمجيات الحرة بحاجة لتطوير. لذلك فهي تقوم بغرس روح التطوير والإبداع في الطالب، ليكون له طموح بأن يصمم أو يطور هذه البرمجيات ويساهم بشكل فاعل في  خدمة المجتمع والإنسانية. إن توفير برمجيات حرة في مدارسنا وتعلمها يعني أننا نقوم بأحد أهم أخلاقيات الحاسب وهو إحترام حقوق الغير والتي تعتبر من الأمانة التي أبت أن تحملها السموات والأرض وحملها الإنسان.


إرسال تعليق


  1. أتمنى أن تكون البرمجيات الحرة في مناهجنا ...

    وعلى فكرة أنا من كتب الموضوع في البداية وليس لدي أي مانع في نسخة ومشاركتة بالعكس تماما .. المهم أن تصل الفكرة ﻷكبر عدد من الناس .. ولكن أتمنى أن لاينسب الموضوع إلى أحد لم يكتبه

    أشكرك جزيل الشكر على نشر الفكرة !

    ردحذف

سيتم نشر تعليقك في هذه الصفحة بعد أن يتم مراجعته . شكرا على مشاركتنا تعليقك ♥

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد). -

 
Top